{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (62)}{أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ} هذه الآية وما بعدها تتضمن إقامة براهين على الوحداينة، وعلى البعث وتتضمن أيضاً وعيداً وتعديدَ نِعم. ومعنى تمنون: تقذفون المني {أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الخالقون} هذا توقيف يقتضي أن يجيبوا عليه بأن الله هو الخالق لا إله إلا هو {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الموت} أي جعلناه مقدراً بآجال معلومة وأعمار منها طويل وقصير ومتوسط {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ} المسبوق على الشيء هو المغلوب عليه؛ بحيث لا يقدر عليه {نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ}: معناه نهلككم ونستبدل قوماً غيركم، وقيل: نمسخكم قردة وخنازير {وَنُنشِئَكُمْ} معناه نبعثكم بعد هلاككم و{فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ} معناه ننشئكم في خلقة لا تعلمونها على وجه لا تصل عقولكم إلى فهمه. فمعنى الآية أن الله قادر على أن يهلكهم وعلى أن يبعثهم ففيها تهديد واحتجاج على البعث {فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ} تحضيض على التذكير والاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، وفي هذه دليل على صحة القياس.